يُعدّ الأستاذ الدكتور مصطفى بركة واحداً من أعلام القانون في الجزائر، وعلماً بارزاً في سلك المحاماة، وأستاذاً جامعياً رفيع المقام في ميدان العلوم القانونية. لم يقتصر دوره على التعليم والتأليف، بل تجاوز ذلك إلى العمل النقابي والدفاع المستميت عن مكانة المحاماة ودورها الريادي في تحقيق العدالة.
عميد من عمداء المنظمة
إنّ الأستاذ الدكتور مصطفى بركة هو بحق عميد من عمداء منظمة المحامين بتلمسان، إلى جانب قامات كبرى تركت بصمتها الخالدة مثل الأستاذ قهواجي زين العابدين، والأستاذ رايس محمد، والأستاذ كريد العربي وغيرهم من العمداء الأشراف الذين شرفوا المهنة وأعلوا من قيمها. فمكانته بينهم لم تأتِ من فراغ، بل من تاريخ طويل من العطاء، والالتزام برسالة الدفاع، والحرص على رفع شأن المنظمة وهيبتها بين نظيراتها.
موسوعية قانونية تمتد من حمورابي إلى القانون الجزائري
تميّز الدكتور بركة بسعة ثقافته القانونية، فهو رجل يقرأ النصوص بروح المفكر المتجذر في التاريخ، وبفكر العالم المنفتح على الحاضر. فمن شرائع حمورابي القديمة، مروراً بالقانون الروماني والمدارس القانونية الأوروبية، وصولاً إلى القانون الجزائري، تجد في ثقافته القانونية امتداداً حضارياً متنوعاً يمنحه القدرة على التحليل العميق والاستنباط الرصين.
السند الذي تلجأ إليه في الملمات
ما عُرف عن الأستاذ الدكتور بركة أنّه لا يتأخر عن مساعدة من يلجأ إليه في مأزق قانوني أو مهني. فهو سند لزملائه، وملاذ لطلبته، وذخرٌ لمنظمته. يقدم النصيحة المخلصة، ويمد يد العون بلا منّة، مجسداً بذلك قيم التضامن والتآزر التي ترفع من شأن المحاماة.
براعة في المرافعة وجمالية في الحجة
أما حين يقف في قاعة الجلسات، مترافعاً في ملف جزائي، فإنك لا تسمع إلا صوت الحنان في القانون. صوته يجمع بين القوة والسكينة، وبين المنطق والعاطفة. يبدأ من الوقائع، يمر عبر الإجراءات والتدابير القانونية، ثم يخوض في مناقشة الملف من بداية التحقيق إلى نهايته، ليبني مرافعة متكاملة تشد انتباه الحاضرين وتزرع الطمأنينة في نفس موكله.
خدمات جليلة لمنظمة المحامين بتلمسان
لقد قدّم الأستاذ الدكتور بركة خدمات عظيمة لـ منظمة المحامين بتلمسان وللمحامين عموماً، حيث ظلّ وفياً لمبادئ المهنة، ومدافعاً عن استقلاليتها وكرامتها. سعى إلى الارتقاء بها فكرياً وتنظيمياً، وكان صوته دائماً عالياً في الدفاع عن القيم التي توحد الأسرة المهنية. إنّ بصماته باقية في ذاكرة المنظمة، وجهوده شاهدة على إخلاصه ووفائه.
وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نرفع آيات الشكر والعرفان للأستاذ الدكتور مصطفى بركة، عميد المحامين وأستاذ القانون، الذي جمع بين الفكر والعطاء، بين العلم والمرافعة، وبين الوفاء للمهنة والغيرة على رسالتها. إنّه مثال حيّ يُحتذى به، ومدرسة متكاملة تُخرّج أجيالاً من المحامين الملتزمين بالعلم والحق والعدل.