Home الجزائر  إعادة هيكلة المديرية العامة للأمن الداخلي و تحول نوعي في المنظومة الأمنية...

 إعادة هيكلة المديرية العامة للأمن الداخلي و تحول نوعي في المنظومة الأمنية الجزائرية

5
0

في خطوة تنظيمية وأمنية ذات دلالة عميقة، أصدر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون المرسوم الرئاسي رقم 25-258 المؤرخ في 25 سبتمبر 2025، والقاضي بإلغاء المرسوم الرئاسي رقم 19-356 الصادر في 20 ديسمبر 2019، والمتعلق بإنشاء المديرية العامة للأمن الداخلي، وإعادة تنظيمها ضمن هيكلة جديدة تحت وصاية وزارة الدفاع الوطني.
وقد تم نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية (العدد 66 بتاريخ 7 أكتوبر 2025).

أولاً: سياق المرسوم وأهدافه

يأتي هذا الإجراء في ظل تحولات أمنية وإقليمية ودولية متسارعة، تفرض على الدولة الجزائرية تحديث أدواتها وهياكلها الأمنية لمواجهة التهديدات المتزايدة، وعلى رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
ويهدف المرسوم الجديد إلى تعزيز قدرات الدولة في مجال الأمن الداخلي، عبر منح المديرية العامة للأمن الداخلي صلاحيات موسعة في ميدان الضبط والتحري، ضمن إطار قانوني منظم وتحت رقابة قضائية.

ثانياً: صلاحيات موسعة لمصالح التحقيق

من أبرز ما جاء في المرسوم الرئاسي الجديد أن مصالح التحقيق القضائية التابعة للمديرية العامة للأمن الداخلي تمارس صلاحيات الضبط القضائي في مجال الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي، والجرائم الإرهابية والتخريبية، والجريمة المنظمة الوطنية والدولية.
كما خوّلها المرسوم صلاحية مباشرة التحريات والتحقيقات وفق الضوابط القانونية وبالتنسيق مع الجهات القضائية المختصة، وهو ما يعكس إرادة سياسية واضحة في تقوية الجهاز الأمني مع احترام مبدأ سيادة القانون.

ثالثاً: تعزيز الأمن الوطني

تُعد هذه المراجعة التنظيمية استجابة واقعية للتحديات الأمنية التي تواجهها الجزائر، سواء على مستوى التهديدات الداخلية أو الخارجية. فالمديرية العامة للأمن الداخلي هي أحد أعمدة حماية الأمن الوطني، وتوسيع صلاحياتها يعكس وعياً استراتيجياً بضرورة تعزيز قدرة الدولة على الوقاية من التهديدات قبل وقوعها، من خلال جهاز تحقيقي محترف وفعّال.

رابعاً: توازن بين القوة الأمنية والرقابة القضائية

رغم الطابع العسكري والتنفيذي للمديرية، إلا أن المرسوم حافظ على التوازن بين السلطة الأمنية والرقابة القضائية، من خلال ربط مهام الضبط القضائي بالإشراف القضائي، مما يعزز الشفافية ويكرس دولة القانون.

خامساً: دلالات سياسية وأمنية

القرار يحمل في طياته رسائل متعددة:

تحديث عميق للمنظومة الأمنية بما يتماشى مع متطلبات المرحلة.

تكريس مبدأ الأمن الوطني كأولوية استراتيجية.

إرساء نموذج أمني حديث يقوم على الفعالية والانضباط القانوني.

دعم مكانة وزارة الدفاع الوطني كفاعل أساسي في ضمان الاستقرار الداخلي.

إن المرسوم الرئاسي رقم 25-258 ليس مجرد إجراء إداري أو تنظيمي، بل يمثل خطوة نوعية في بناء منظومة أمن داخلي متطورة، قادرة على التكيف مع طبيعة التهديدات الجديدة.
إن التحدي اليوم لا يكمن فقط في امتلاك أجهزة قوية، بل في امتلاك أجهزة فعالة ومنضبطة بالقانون، وهو ما يبدو أن الدولة الجزائرية تسير نحوه بخطى ثابتة.

اترك ردا

Please enter your comment!
الرجاء إدخال اسمك هنا