القاضي والمحامي جناحا العدالة
تُبنى العدالة على ركنين متكاملين لا غنى لأحدهما عن الآخر: القاضي والمحامي. فالقاضي بوقاره وتجرده ونزاهته، يجسد الحكمة والميزان الذي يزن بين الخصوم، ويمنح الحكم هيبته وقوته الإلزامية. أما المحامي، فبشجاعته وبلاغته وحرية كلمته، ينهض بدور لسان المتقاضي وصوت الحق في ساحة القضاء، مقدّمًا الحجج والدفوع التي تنير للقاضي طريق الحكم الرشيد.
دور القاضي
القاضي ليس مجرد موظف يطبّق القانون، بل هو ضمير المجتمع في منصة القضاء. يستمد هيبته من نزاهته، وقوته من تجرده، وحكمه من عدله. ومن ثمّ، فإن كل كلمة ينطق بها تحمل أثرًا بالغًا في حياة الأفراد وفي ثقة الناس بالمؤسسات.
دور المحامي
أما المحامي، فهو صاحب رسالة قبل أن يكون صاحب مهنة. يقف إلى جانب الضعيف قبل القوي، ويجعل من قلمه ولسانه درعًا يحمي الحقوق، وصوتًا يجهر بالعدالة. فالمرافعة ليست مجرد كلام يُلقى في القاعة، بل هي فنّ في عرض الحقائق، وشجاعة في الدفاع عن المظلوم، وحرية تتيح له أن يواجه السلطة بالحجة دون خوف.
التكامل لا الخصومة
إذا كان القاضي يمنح الحكم صورته الرسمية وهيبته الإلزامية، فإن المحامي يمدّه بالحجج التي تجعله أكثر عدلًا وعمقًا. ومن هنا يقال إن العدالة لا تستقيم إلا بجناحين: قاضٍ عادل ومحامٍ حر. فبدون القاضي تفقد الأحكام قوتها، وبدون المحامي تفقد المرافعات روحها. إن العلاقة بينهما ليست خصومة بل شراكة رفيعة في تحقيق العدل وإقامة الحق.
العدالة، في جوهرها، ليست نصوصًا جامدة ولا أحكامًا مجردة، وإنما منظومة تقوم على تكامل الأدوار. فالقاضي والمحامي، كلٌ من موقعه، يجتمعان على غاية واحدة: إعلاء كلمة الحق وصون كرامة الإنسان. وهكذا تظل العدالة في أبهى صورها حين ترفرف بجناحيها معًا: هيبة المنصة وجرأة المرافعة.







