Home الرأي و الرأي الأخر بناء الدولة من بناء الإنسان رؤية في أساس النهضة الوطنية

بناء الدولة من بناء الإنسان رؤية في أساس النهضة الوطنية

5
0

بناء الدولة يبدأ من بناء الإنسان

إن الحديث عن مؤسسات الدولة – من سلطة تنفيذية متمثلة في الوزراء والمدراء، وسلطة تشريعية يجسدها النواب، وسلطة قضائية يمثلها القضاة – لا يكتمل ولا يأخذ معناه الحقيقي إذا لم يُسبق ببناء عقلية قادرة على الاستيعاب، ومهيأة للتطور، ومستعدة لحمل مسؤولية المشروع الوطني. فالمؤسسات مهما بلغت من القوة في النصوص والقوانين، تظل هشة إذا لم ترتكز على مجتمع حضاري، متماسك، ومتعدد في معارفه وإبداعاته.

الذهنية أساس كل بناء

قبل أن نشيد القوانين والأنظمة، علينا أن نشيد في الفرد ذهنية النقد البنّاء، والقدرة على التعلم المستمر، وروح الانفتاح على الأفكار الجديدة. إن بناء الإنسان الواعي هو البذرة الأولى لبناء دولة متينة، لأن المؤسسة لا تحيا إلا بالفاعلين داخلها. وكلما ارتقى وعي المواطن، ارتقت بالضرورة مؤسسات الدولة.

المجتمع الحضاري ركيزة الدولة

المجتمع الذي يتعايش فيه الأفراد رغم اختلافاتهم، ويتعاونون على قاعدة الاحترام المتبادل، هو مجتمع يولّد مؤسسات شرعية وقوية. أما مجتمع الإقصاء والتناحر، فينتج مؤسسات شكلية عاجزة عن التجديد. فالحضارة ليست زخرفاً ولا مظهراً مادياً، وإنما هي قدرة المجتمع على استيعاب تنوعه وإدارته بروح العدالة والإنصاف.

المؤسسات مرآة المجتمع

الدولة في جوهرها انعكاس لمستوى وعي مواطنيها. فإذا كان المجتمع منفتحاً، مثقفاً، متسامحاً، فإن مؤسساته ستعكس نفس الروح. وإذا كان منغلقاً، متعصباً، أو غارقاً في الفردانية، فإن مؤسساته ستظل عاجزة عن اللحاق بركب التطور. لذلك لا بد أن تكون أولوية أي مشروع وطني هي الاستثمار في الإنسان، تربيةً وتعليماً وثقافةً.

إن بناء الدولة ليس معادلة تبدأ من الأعلى إلى الأسفل، بل العكس: من بناء الفرد، إلى تكوين المجتمع، ثم إلى تشييد المؤسسات. وبدون عقلية قابلة للتطور والاستيعاب، وبدون مجتمع حضاري يقوم على التنوع والعدل، فإن المؤسسات – مهما تعددت هياكلها – ستظل بلا روح. أما حين يجتمع وعي الفرد مع نضج المجتمع، عندها فقط تستطيع الدولة أن تنهض بمؤسساتها لتكون في مستوى آمال الأمة وطموحاتها.

اترك ردا

Please enter your comment!
الرجاء إدخال اسمك هنا