في أجواء مهيبة غمرتها معاني الوفاء والاعتزاز بالانتماء، أحيت القنصلية الجزائرية مساء اليوم الذكرى الحادية والسبعين لاندلاع ثورة التحرير المجيدة. وقد حضر المراسم الطاقمُ الفني للقنصلية وجمعٌ من المواطنين الجزائريين، يتقدّمهم القنصل الجزائري السيد محمد زرقط.
انطلقت الفعالية عند الساعة السابعة مساءً بمراسم رفع العلم الوطني على أنغام النشيد، حيث تجلّت في الوجوه مشاعر الفخر بتاريخ أمة صاغت حريتها بتضحيات جسام. وبعد رفع الراية الخضراء البيضاء ذات النجمة والهلال، توقّف الحضور لقراءة سورة الفاتحة ترحّمًا على أرواح الشهداء الأبرار الذين كتبوا بدمائهم صفحة الخلاص وألهموا أجيالًا متعاقبة معنى الصمود والكرامة.
وفي كلمة مؤثّرة بالمناسبة، أكّد القنصل السيد محمد زرقط أنّ أول نوفمبر ليس مجرّد تاريخ في الذاكرة الوطنية، بل هو عهدٌ متجدِّد يربط الجزائريين عبر العالم بقيم الثورة: الحرية، والعدالة، والوحدة. وشدّد على أنّ استحضار التضحيات العظيمة يقتضي ترجمتها سلوكًا يوميًا في خدمة الوطن حيثما كنا، بالحفاظ على سمعة الجزائر والدفاع عن مصالحها وتقوية جسور التواصل بين أفراد الجالية ومؤسسات الدولة.
وأشار القنصل إلى أنّ رمزية العلم الذي ارتفع في هذه الأمسية تختزل رسالةً واضحة: الوفاء للعهد الذي قطعه الشهداء والمجاهدون، والإصرار على مواصلة البناء الوطني بروح المسؤولية والتضامن. كما نوّه بالحضور النوعي لأبناء الجالية وتعاون الطاقم الفني للقنصلية لإنجاح هذا الموعد الوطني، معتبرًا أنّ المشاركة الفاعلة في المناسبات الجامعة تشكّل رصيدًا معنويًا يعزّز ارتباط الأجيال الناشئة بجذورها التاريخية وهويتها الثقافية.
واختُتمت المراسم بالدعاء للشهداء بالصبر والرحمة والدرجات العلى، وبالأمن والازدهار للجزائر، وبمزيد من التلاحم بين أبناء الوطن داخل البلاد وخارجها. وأجمع الحاضرون على أنّ هذه الذكرى تظلّ منارةً تهدي الأجيال إلى المعاني السامية للحرية، وأنّ الاحتفاء بها في كل عام هو تجديدٌ للعهد مع رسالة نوفمبر الخالدة: لا استسلام مع الحق، ولا تراجع عن قيم السيادة والعدالة والكرامة.
بهذه النفحات الإيمانية والوطنية، أكّد المشاركون أنّ ذاكرة نوفمبر ستبقى حيّةً ما بقي الجزائريون أوفياء لدماء الشهداء، متمسّكين بالوحدة والعمل والرجاء، مستنيرين بتاريخ صنعته عزيمة رجال ونساء آمنوا بأنّ فجر الحرية يولد من رحم التضحيات.







