Home الجالية الجزائرية تحليل موضوعي للقرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن حول الصحراء الغربية

تحليل موضوعي للقرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن حول الصحراء الغربية

104
0

أصدر مجلس الأمن الدولي امس 31 أكتوبر 2025 القرار رقم 2797 المتعلق بقضية الصحراء الغربية، في سياق دولي متوتّر ومتغيّر، حيث تتداخل المصالح السياسية مع المبادئ القانونية، وتتعارض الرؤى حول مستقبل الإقليم ومبدأ تقرير المصير

القرار جاء – حسب قراءتنا – غامضًا ومفخخًا في مضمونه، إذ حمل عبارات مزدوجة المعنى، تجمع بين الدعوة إلى “الحكم الذاتي” و”تقرير المصير”، ما يعكس تناقضًا واضحًا في توجهات مجلس الأمن إزاء هذه القضية الممتدة منذ عقود.

:أولًا: خلفية القرار وموقف الدول

امتنعت الجزائر عن التصويت، وهو موقف يعكس رفضها الضمني للغة القرار التي تميل نحو دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي.

كما امتنعت روسيا و الصين ( دون استعمال حق النقض) وباكستان عن التصويت أيضًا، في إشارة إلى تحفّظها على الانحياز الغربي داخل المجلس لصالح طرحٍ واحد دون مراعاة مبدأ الحياد وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها.

وفي المقابل، صوّتت الولايات المتحدة وفرنسا و بريطانيا ودول غربية أخرى لصالح القرار، معتبرة أن خطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تمثل “الحل الواقعي والقابل للتطبيق”.

: ثانيًا: أهم ما ورد في القرار

1. تجديد مهمة بعثة المينورسو (MINURSO) لمدة سنة إضافية، أي إلى غاية 31 أكتوبر 2026، دون تعديل جوهري في صلاحياتها أو أهدافها.

2. التأكيد على مبدأ الحكم الذاتي “بشروط”، في إشارة إلى تبنّي المقاربة المغربية جزئيًا، دون إلغاء المرجعية القانونية السابقة التي تنص على تقرير المصير.

3. الإشارة إلى حقّ تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، لكن دون تحديد آلياته أو الإطار الذي سيتحقق فيه هذا الحقّ، ما يجعل النصّ مفتوحًا على التأويل السياسي.

ثالثًا: التناقضات في القرار رقم 2797 القرار الحالي يُظهر تناقضات جوهرية، منها:

الجمع بين “الحكم الذاتي” و”تقرير المصير” في نص واحد، وهما في الأصل مساران متناقضان؛ إذ أن الأول يفترض بقاء الإقليم تحت السيادة المغربية، بينما الثاني يعني إمكانية الاستقلال الكامل.

الإبقاء على بعثة المينورسو دون تفويض جديد، ما يعني استمرار الجمود السياسي الميداني وعدم وجود إرادة حقيقية لتنفيذ استفتاء أو حلول ملموسة.

استخدام لغة دبلوماسية ضبابية تسمح لكل طرف بتأويل القرار لصالحه، وهو ما يُبقي النزاع في حالة “تجميد مُدار” أكثر من كونه مسارًا للحل النهائي.

: رابعًا: قراءة في الدلالات السياسية

يمكن وصف القرار رقم 2797 بأنه تسوية شكلية أكثر منه خطوة نحو الحلّ، فهو يكرّس سياسة “اللا حلّ” مع الحفاظ على الوضع القائم.

بالنسبة للمغرب، القرار انتصار دبلوماسي لأنه يعزّز الاعتراف الدولي بمقترح الحكم الذاتي.

أما بالنسبة لجبهة البوليساريو والجزائر، فهو تراجع خطير عن مبدأ تقرير المصير الذي أقرّته الأمم المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي.

أما المجتمع الدولي، فيبدو أنه يفضّل الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة على حساب الحسم القانوني والسياسي للنزاع.

: خامسًا: ما الذي يمكن أن يحدث بعد هذا القرار؟

من المرجح أن تستمر حالة الجمود، مع غياب أي خطوات عملية لتنظيم استفتاء أو تفاوض حقيقي بين الأطراف.

ستسعى المغرب إلى استثمار القرار سياسيًا ودبلوماسيًا لتوسيع الاعتراف الدولي بسيادتها على الإقليم.

بينما ستكثّف جبهة البوليساريو تحركاتها السياسية والدبلوماسية لإبراز الطابع “المزدوج والملتبس” للقرار.

أما الجزائر، فستواصل دعمها لمبدأ تقرير المصير كخيار شرعي ووحيد وفق الشرعية الدولية، مع التحفّظ على لغة الانحياز داخل مجلس الأمن.

خلاصة :

القرار رقم 2797 ليس حلاً للنزاع، بل تعبير عن توازنات دولية جديدة تميل نحو الواقعية السياسية على حساب المبادئ القانونية.

إنه قرار مفخخ لأنه يمنح لكل طرف ما يريد سماعه، دون أن يمنح الشعب الصحراوي ما كان ينتظره منذ نصف قرن: استفتاءً حرًا يعبّر عن إرادته الحقيقية.

اترك ردا

Please enter your comment!
الرجاء إدخال اسمك هنا