Home الرأي و الرأي الأخر ظاهرة الجريمة التربية، الأمن والوعي… مسؤولية الجميع

ظاهرة الجريمة التربية، الأمن والوعي… مسؤولية الجميع

7
0

تُعتبر الجريمة ظاهرة اجتماعية متجذّرة في كل المجتمعات، غير أنّ حدّتها وانتشارها في الأحياء السكنية الحديثة باتت مقلقة بشكل لافت في العديد من البلدان، خاصة مع تزايد نشاط العصابات المنظمة وتنوّع أساليبها. هذا الوضع يثير تساؤلات جوهرية: هل السبب الرئيسي هو ضعف التربية الأسرية؟ أم يعود الأمر إلى انعدام الأمن وضعف الردع؟ أم إلى غياب الوعي المجتمعي وتدهور القيم الأخلاقية؟ للإجابة عن هذه التساؤلات، لابدّ من دراسة شاملة للأسباب والعوامل المتشابكة.

أولاً: ضعف التربية كأساس لانحراف السلوك

التربية هي الركيزة الأساسية في بناء شخصية الفرد، وغرس القيم الأخلاقية والاجتماعية. حينما تضعف التربية الأسرية لعدة أسباب، منها:

التفكك الأسري: الطلاق والنزاعات الزوجية تؤدي إلى غياب الرقابة الأبوية.

إهمال التربية الأخلاقية: انشغال الأهل بالماديات أو العمل لساعات طويلة يترك فراغاً تربوياً يستغله الشارع.

غياب القدوة: الطفل يحتاج إلى نموذج إيجابي داخل الأسرة، وإن لم يجده فقد يبحث عنه في بيئة منحرفة. هذه العوامل تجعل المراهق أكثر عرضة للتأثر بأصدقاء السوء والانخراط في سلوكيات إجرامية.

ثانياً: انعدام الأمن وضعف الردع القانوني

الأمن عنصر حيوي لاستقرار المجتمع، وعندما يغيب أو يضعف، تتحول الأحياء إلى بيئة خصبة للجريمة. من أبرز مظاهر ذلك:

قلة الدوريات الأمنية وانتشار الثغرات في المراقبة، خاصة في الأحياء الهامشية.

ضعف تطبيق القانون أو طول إجراءات العدالة، ما يخلق شعوراً بالإفلات من العقاب.

انتشار تجارة المخدرات والأسلحة البيضاء، التي تغذي العنف والجريمة المنظمة. حين يشعر المجرم بأن خطر العقوبة ضعيف، تزداد الجرأة على ارتكاب الجرائم.

ثالثاً: غياب الوعي المجتمعي وتدهور القيم

إلى جانب غياب الأمن والتربية، يلعب ضعف الوعي دوراً محورياً في تفاقم الظاهرة:

غياب ثقافة الحوار وحل النزاعات سلمياً، مما يجعل العنف الخيار الأول.

التأثير السلبي للإعلام ومواقع التواصل التي تروّج للعنف وتقدّمه كرمز للقوة.

تراجع دور المدرسة والمسجد والجمعيات في التوعية والتوجيه.

رابعاً: البعد الاقتصادي والاجتماعي

لا يمكن تجاهل تأثير الفقر والبطالة:

الشباب العاطل يجد في الانخراط في العصابات وسيلة للحصول على المال.

التهميش الاجتماعي يولّد شعوراً بالظلم والحقد على المجتمع، ما يسهّل الانحراف.

الحلول المقترحة

1. تعزيز دور الأسرة في التربية السليمة ومراقبة الأبناء.

2. تفعيل الردع القانوني وتسريع إجراءات العدالة لمكافحة الإفلات من العقاب.

3. برامج توعية شبابية عبر المدارس والمساجد والإعلام لمحاربة ثقافة العنف.

4. محاربة الفقر والبطالة عبر إدماج الشباب في مشاريع تنموية.

5. إشراك المجتمع المدني في مراقبة الأحياء وتنظيم حملات تحسيسية.

إنّ ظاهرة الجريمة في الأحياء ليست نتيجة سبب واحد، بل هي حصيلة تفاعل عدة عوامل: ضعف التربية، انعدام الأمن، غياب الوعي، والفقر. الحلّ يكمن في مقاربة شاملة تشترك فيها الأسرة، الدولة، والمؤسسات التربوية والدينية، لأنّ الأمن ليس مسؤولية الشرطة وحدها، بل مسؤولية مجتمع بأكمله

اترك ردا

Please enter your comment!
الرجاء إدخال اسمك هنا